أحمد النجار (دبي)
لم يكن يتوقع أحمد يعقوب العلي أن يصبح كفيفاً يوماً، وينطفأ نور الحياة في دروب شبابه، ففي عام 2006 حدث ما لم يكن بالحسبان، حال دون مواصلة تحقيق هدفه النبيل في خدمة الوطن، فقد أصابته وعكة، أدت إلى فقدان بصره.
أحمد يعقوب إبراهيم العلي، من مواليد أبوظبي 1981، متزوج ولديه أربعة أبناء، ترعرع في منطقة ياس، اتجه إلى الدراسة وسط بيئة إيجابية ملهمة بدعم وتشجيع الوالدين، واستطاع استكمال تعليمه بالمرحلة الثانوية، ثم توجه للرياضة عام 2008، وتحديداً في لعبة كرة الهدف في جمعية الإمارات لذوي الإعاقة بصرياً، ثم انتقل لاعباً أساسياً في منتخب الإمارات في كرة الهدف، وخاض مع المنتخب الكثير من البطولات المحلية والعربية، وحصل على الميدالية الذهبية في بطولة سلطنة عمان، والفضية في بطولة السعودية، والبرونزية في البطولة العربية بالأردن.
قوة إيجابية
أحمد شاب طموح له حكاية تحدٍ، فهو يعشق التميز، ويؤمن أن الدروب تملؤها الأشواك والعثرات، لكنه يقبل هذا التحدي بإرادة متوثبة، حيث إن لفظة أصحاب الهمم تمنحه إرادة أقوى وعزيمة مضاعفة، وقال عن ذلك: داخل كل ذي همّة كنز من الإبداع والإنجاز، ففي الإعاقة قوة إيجابية لا يراها إلا المكفوفون، فقد منحتني حافزاً لتقديم أفضل ما لديّ في الحياة، سواء في مجال العمل أو الرياضة، أو إسهاماتي المجتمعية التي تعود نفعاً في خدمة الناس، فعندما وجدت صعوبة في ممارسة كرة الهدف، قررت في عام 2017 التوجه إلى لعبة الجودو، وشاركت في بطولة كازاخستان الدولية بمشاركة منافسين من أميركا وروسيا وأذربيجان وكازاخستان، واستطعت إحراز الميدالية البرونزية.
أحمد موظف في وزارة المالية، ويحرص على التوازن بين اهتماماته الرياضية والتزاماته المهنية في بيئة العمل، والتوفيق مع متطلبات الأسرة ومسؤولياتها، ويطمح إلى استكمال تعليمه الجامعي والتخصص في القانون، أما على الصعيد المهني، فيتطلع إلى تحسين وضعه المعيشي بوظيفة مرموقة، كما يسعى في مجال الرياضة إلى تمثيل الإمارات في بطولات دولية ونيل الميدالية الذهبية.
حب البحر
أحمد لديه هوايات واهتمامات أخرى، يجد فيها ذاته، فهو متذوق جيد للشعر العربي الفصيح، ومهتم في القراءة والمطالعة لإيمانه بأن الثقافة والمعرفة روافد مهمة لبناء الثقة والوعي واستلهام الأفكار والخبرات، ويحب شغل وقته ببعض الأنشطة التي تبث فيّ الإيجابية والحيوية وبهجة الحياة، وقال عن ذلك: فأنا أحب البحر والبرّ وصيد السمك وركوب القوارب والسباحة والجري، وأعيش أجواء رمضانية مليئة بروحانية الشهر الكريم، وأحرص على تأدية الفروض والطاعات والعبادات إلى جانب لمّة الأهل عند الإفطار، ومتابعة الإذاعات القرآنية، وصلة الأرحام وزيارة الوالدين، وفي المقابل أحرص على المشاركة في ندوات ومحاضرات وملتقيات محلية وعربية، حيث أجدها فرصة لتمثيل أصحاب الهمم وإبراز إبداعاتهم ونجاحاتهم كنماذج مهمة وملهمة في المجتمع، ويريد أن يثبت للعالم أنهم قادرون على مقاومة الألم بالأمل، وأنهم ليسوا بشراً عاديين أو هامشيين، لاسيما أنهم يفكرون ويحلمون ويتطلعون ويشاركون في صناعة مستقبل له معنى.